الكتاب: المختصر المفيد في أحكام التجويد
المؤلف: مجهول
الناشر: مؤسسة الإيمان – بيروت
الطبعة: الأولى، 1402 هـ
عدد الأجزاء: 1
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي]
المقدمة:
بسم الله الرّحمن الرّحيم، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد خاتم المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فالتجويد لغة: هو الإتيان بالشيء الجيد.
وقد عرّفه العلماء في اصطلاحهم، بقولهم: هو علم يعرف به إخراج كل حرف من مخرجه، متصفا بصفاته.
وقد دوّنه الأئمة الثقات، وأحكموا أصوله، واستنبطوا أحكامه، من كيفية القراءة المأثورة عن النبي (صلّى الله عليه وسلّم) وأصحابه والتابعين.
والهدف من تعلّم هذا العلم، هو صون اللسان عن الوقوع في اللحن في لفظ القرآن الكريم، حال الأداء. ولذلك كانت مراعاة قوانينه في القراءة فرض عين على كل مكلف.
ونحن- فيما يلي- سوف نبسط أحكام التجويد مختصرة، كما نص عليها العلماء المتخصصون، ثم نبين الرمز التلويني الذي استعملناه للدلالة عليه، منبهين- منذ البداية- إلى أن المختصر، مع الرمز اللوني المطبق على المصحف الشريف- شأنه شأن كتب التجويد- كلها- لا يغني عن التلقي عن الشيخ المقرئ، لمعرفة كيفية النطق الصحيح في كل حكم، إذ أن ذلك لا يمكن معرفته حق المعرفة إلّا بالمشافهة، والأخذ والتلقي من أفواه العلماء.
ونبتدئ هذه الأحكام، بما اعتاد البداءة به علماء التجويد، وهو أحكام الاستعاذة والبسملة.
1 – أحكام الاستعاذة والبسملة:
لكل من الاستعاذة والبسملة أحكام خاصة، كما أن هناك أحكاما أخرى لاجتماعهما معا، وسوف نبين هذه الأحكام فيما يلي:
آ- حكم الاستعاذة: الاستعاذة سنة مستحبة. وهي مطلوبة عند تلاوة القرآن الكريم، على الرغم من أنها ليست منه.
وقال بعضهم: إنها واجبة، خصوصا عند البدء بالقراءة، سواء أكانت القراءة من أول السورة، أو من خلالها، والدليل على ذلك هو قوله تعالى: فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ.
ويسن الجهر بها في حالتين:
1 – عند القراءة في المحافل.
2 – عند التعلم والتعليم، وذلك لينصت الحاضرون للقراءة من أولها.
ويسرّ بها في أربع حالات:
1 – في الصلاة.
2 – في القراءة السرية.
3 – في الدور، عند ما يقرأ جهرا مع جماعة ولا يكون هو المبتدئ.
4 – إذا كان خاليا، سواء أقرأ سرا أم جهرا.
ب- حكم البسملة: البسملة كلمة منحوتة من قولك: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* وتجب قراءتها- عند حفص- في أول كل سورة، إلّا في أول سورة براءة.
وأما قراءتها في أواسط السور، فللقارئ الخيار، إن شاء بسمل، وإن شاء اكتفى بالاستعاذة.
ج- حكم البسملة بين سورتين:
إذا وقعت البسملة بين سورتين، فهناك أربعة أوجه محتملة للوصل والقطع.
ثلاثة منها جائزة، وواحد ممتنع، نبينها فيما يلي:
1 – قطع الكلّ: أي قطع آخر السورة عن البسملة، وقطع البسملة عن أول السورة التالية، وهذا الوجه جائز شرعا.
2 – وصل البسملة مع أول السور التالية. وهو وجه جائز أيضا.
3 – وصل الكلّ: أي وصلها مع السورة التي قبلها، والسورة التي بعدها. وهو وجه جائز أيضا.
4 – وصل آخر السورة بالبسملة، وقطعها عن بداية السورة التالية. وهو وجه ممتنع شرعا لأنه يوهم أن البسملة من آخر السورة السابقة.
د- حكم ابتداء القراءة:
إذا ابتدأ القارئ القراءة، فله الخيار بين واحد من الأوجه الأربعة التالية:
1 – قطع الجميع: أي قطع الاستعاذة عن البسملة، وقطع البسملة عن بداية السورة.
2 – قطع الاستعاذة عن البسملة، ووصل السملة ببداية السورة.
3 – وصل الاستعاذة بالبسملة، وقطع البسملة عن بداية السورة.
4 – وصل الجميع: أي وصل الاستعاذة بالبسملة، ووصل البسملة ببداية السورة.
2 – أحكام النون الساكنة والتنوين:
للنون الساكنة والتنوين (في الرفع والنصب والجر) أربعة أحكام، هي: الإدغام- الإقلاب- الإخفاء- الإظهار. وسوف نتناولها بالحديث واحدا بعد الآخر.
آ- الإدغام: تعريفه: الإدغام لغة هو: إدخال الشيء في الشيء. واصطلاحا هو: التقاء حرف ساكن بحرف متحرك، بحيث يصيران حرفا مشددا كالثاني، يرتفع اللسان عنده ارتفاعة واحدة.
أحرفه: تدغم النون الساكنة أو التنوين إذا وقع بعدها- في الكلمة التالية- أحد الأحرف الستة التالية: ي- ر- م- ل- ون. وقد جمعت في كلمة (يرملون).
أنواعه: للإدغام نوعان: إدغام بغنة (إدغام ناقص)، وإدغام بلا غنة (إدغام كامل).
1 – الإدغام بغنة (الناقص): يكون مع أحد الأحرف التالية: ي- وم- ن المجموعة في كلمة (يومن). هذا وينبغي أن يعلم أن الواو والياء لا يرسم عليهما الشدة، دون سواهما.
مثال ذلك: مِنْ ماءٍ* وتلفظ مماء مع الغنة- مِنْ نَصِيبٍ وتلفظ (منّصيب) مع الغنة- رَجُلٌ مِنْ* وتلفظ (رجلمّن) مع الغنة- خَيْرٌ نُزُلًا وتلفظ (خير نزلا) مع الغنة.
ويسمى هذا الإدغام ناقصا، لذهاب الحرف فقط (النون أو التنوين) وبقاء الصفة (الغنة).
وكما يبدو من الأمثلة، فإننا لونا النون أو التنوين باللون الأحمر، دلالة على وجود الإدغام.
كما لونا الشدة على الحرف المدغم معها باللون الأحمر، دلالة على وجود الغنة.
والغنة: صوت لذيذ، يخرج من خرق الأنف المنجذب إلى داخل الفم، المركب فوق غار الحنك الأعلى، لا عمل للسان فيه. ويغن هذا الحرف بمقدار حركتين، والحركة هي بمقدار بسط الإصبع أو قبضها (بمقدار ثانية).
2 – الإدغام بلا غنة (الكامل): يكون مع أحد الحرفين التاليين: ل- ر، مثال ذلك:
مِنْ لَدُنْهُ*: تلفظ: (ملّدنه) – هُدىً لِلْمُتَّقِينَ: تلفظ (هد للمتّقين).
مِنْ رِزْقِ*: تلفظ (مرزق) – مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً: تلفظ (من ثمر ترزّقا).
ويسمى هذا الإدغام كاملا، لذهاب الحرف (النون أو التنوين) والصفة (الغنة) معا.
وكما يبدو من الأمثلة، فإننا لونا النون أو التنوين باللون الأحمر، دلالة على وجود الإدغام، في حين أننا لونا الشدة الموضوعة فوق الحرف المدغم التالي باللون الأخضر، دلالة على عدم إخراج صوت الغنة من طرف الأنف.
ب- الإقلاب:
الإقلاب لغة: هو: تحويل الشيء عن وجهه.
واصطلاحا، هو: قلب النون الساكنة أو التنوين ميما، مع مراعاة الغنة، وله حرف واحد هو الباء.
ويأتي في كلمة وفي كلمتين، مثال ذلك:
يُنْبِتُ لَكُمْ: تلفظ (يمبت لكم) مع الغنة- سميع بصير: تلفظ (سميعمبصير) مع الغنة. مِنْ بَعْدِ*: تلفظ (ممبعد) مع الغنة- بغيا بينهم: تلفظ: (بغيمبينهم) مع الغنة.
وكما يبدو من الأمثلة، فإننا وضعنا ميما حمراء صغيرة فوق النون، أو بدل إحدى حركتي التنوين، دلالة على وجود إقلاب.
ج- الإخفاء:
تعريفه: الإخفاء لغة هو: الستر.
واصطلاحا هو: النطق بحرف ساكن، غير مشدد، على صفة بين الإظهار والإدغام، مع بقاء الغنة في الحرف الأول (النون الساكنة أو التنوين)، ويغنّ هذا الحرف بمقدار حركتين.
أحرفه: يقع الإخفاء على النون الساكنة أو التنوين، إذا أتى بعده حرف من الأحرف التي تسمى أحرف الإخفاء الخمسة عشر التالية:
ص- ذ- ث- ج- ش- ق- س- ك- ض- ظ- ز- ت- د- ط- ف.
وقد جمعت هذه الأحرف في أوائل كلمات البيت التالي:
صف ذا ثنا جود شخص قد سما كرما … ضع ظالما زد تقى دم طالبا فترى
مثال ذلك: عَنْ صَلاتِهِمْ- وَانْصُرْنا*- رِيحاً صَرْصَراً*- مِنْ ذَهَبٍ*- وَأَنْذِرْهُمْ*- ظِلٍّ ذِي.
.
د- الإظهار:
تعريفه: الإظهار لغة هو: البيان، واصطلاحا هو: النطق بالحرف من مخرجه من غير غنة.
أحرفه: يقع الإظهار على النون الساكنة أو التنوين، إذا أتى بعده أحد الحروف الستة، المسماة أحرف الحلق، وهي: الهمزة والهاء، والعين والحاء، والغين والخاء.
ويسمى هذا الإظهار حلقيا، تلفظ فيه النون الساكنة أو التنوين، دون غنة، مع إظهار الحرف الذي بعدهما مستقلا عنهما، مثال ذلك: مَنْ أَحْسَنُ*- يَنْأَوْنَ- كُفُواً أَحَدٌ- مِنْ هادٍ*- يَنْهَوْنَ*- جُرُفٍ هارٍ. وكما يبدون من هذه الأمثلة، فإننا أبقينا النون أو التنوين باللون الأسود، دلالة على وقوع حكم الإظهار عليه.
3 – أحكام الميم الساكنة:
للميم الساكنة ثلاثة أحكام، هي: آ- الإدغام ب- الإخفاء ج- الإظهار.
آ- الإدغام:
تدغم الميم الساكنة في ميم مثلها متحركة (واقعة في بداية كلمة أخرى)، فتصيران ميما واحدة مشددة، ويسمى إدغاما شفويا أو متماثلا، مع مراعاة وجود غنة كاملة. مثال ذلك: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ*- لَهُمْ مَثَلًا*- وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ*- أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ.
وكما يبدو من الأمثلة، فإننا لونا الميم الأولى باللون الأحمر، دلالة على وجود الإدغام، كما لونا الشدة على الميم الثانية باللون الأحمر أيضا، دلالة على وجود الغنة.
ب- الإخفاء:
تخفى الميم الساكنة، إذا وقع بعدها- في الكلمة التالية- حرف الباء، ويسمى إخفاء شفويا، لخروج الحرفين (الميم والباء) من الشفة، مثال ذلك: يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ- يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ*- فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ*.
وكما يبدو من الأمثلة، فإننا لونا الميم باللون الأخضر، دلالة على وقوع الإخفاء عليها. ومما ينبغي التنبه له هو أنه يجب إطباق الشفتين عند الإخفاء الشفوي، دون انفراج بينهما.
ج- الإظهار:
تظهر الميم الساكنة، إذا وقع بعدها حرف من أحرف الإظهار، وهي جميع الأحرف الهجائية عدا الميم والباء، ويسمى إظهارا شفويا، مثال ذلك: أَمْ كُنْتُمْ*- أَمْ حَسِبْتُمْ*- يَمْشُونَ*- تُمْسُونَ- الْحَمْدُ*.
وتكون أشد إظهارا مع الواو والفاء، مثال ذلك: وَهُمْ فِيها*- هم في رحمة الله- أنتم وما- عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ.
وكما يبدو من الأمثلة، فإننا تركنا الميم مكتوبة باللون الأسود، دلالة على إظهارها.
4 – أحكام الميم والنون المشددتين:
تجب الغنة في الميم والنون المشددتين في حالة الوصل والوقف، سواء أوقعت في وسط الكلمة أم في آخرها، وسواء أكانت في الاسم أم في الفعل أم في الحرف.
ومقدار غنتها حركتان، والحركة- كما أشرنا سابقا- بمقدار قبض الإصبع أو بسطه، مثال ذلك: هَمَّازٍ- هَمَّتْ*- فَأَمَّا*- جَهَنَّمُ*- إِنَّ*.
وكما يبدو من الأمثلة، فإننا لونا الشدة الواقعة فوق النون والميم باللون الأحمر، دلالة على وجود الغنة. (كما لونا معها الحركة الواقعة فوقها فتحا أو ضما).
5 – أحكام الإدغام:
تعريفه: هو إدخال حرف ساكن (غير مدى)، بحرف متحرك بعده، وذلك بحذف الساكن وتشديد المتحرك.
أقسامه: ينقسم الإدغام إلى ثلاثة أقسام، هي:
آ- إدغام المتماثلين: وهو أن يكون الحرفان المتتاليان متحدين في المخرج من الفم، ومتحدين أيضا في الصفة، سواء أوقعا في كلمة واحدة أم في كلمتين متتاليتين، مثال ذلك:
يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ- آوَوْا وَنَصَرُوا*- قَدْ دَخَلُوا- فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ- اضْرِبْ بِعَصاكَ*.
ب- إدغام المتجانسين: هو أن يكون الحرفان المتتاليان متحدين في المخرج من الفم، ومختلفين في بعض الصفات، وذلك منحصر في سبعة أحرف:
1 – الدال مع التاء، مثل: قَدْ تَبَيَّنَ*- وَجَدْتُمْ*- أَرَدْتُمْ*.
2 – التاء مع الدال، مثل: أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ.
3 – التاء مع الطاء، مثل: قالَتْ طائِفَةٌ* وَدَّتْ طائِفَةٌ.
4 – الذال مع الظاء، مثل: إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ إِذْ ظَلَمْتُمْ.
5 – الباء مع الميم، مثل: ارْكَبْ مَعَنا.
6 – الطاء مع التاء، مثل: بَسَطْتَ أَحَطْتُ فَرَّطْتُمْ.
ج- إدغام المتقاربين وهو أن يكون الحرفان المتتاليان متقاربين في المخرج والصفة. وهو منحصر في حرفين، هما:
1 – اللام مع الراء، مثل بَلْ رَفَعَهُ- قُلْ رَبِّ*.
2 – القاف مع الكاف، مثل: نَخْلُقْكُمْ. وذلك بحذف صفة الاستعلاء عن القاف، وهو الوجه الأرجح.
وكما يبدو من الأمثلة، فإننا لونا الحرف الساكن الأول باللون الأحمر، دلالة على وقوع الإدغام، ولونا شدة الحرف الثاني باللون الأخضر دلالة على عدم وجود غنة، وأما في مثال الطاء مع التاء فإنه لا توجد شدة، وبالتالي لم نلونها، والسبب في ذلك هو أن هذا الإدغام غير كامل.
6 – أحكام اللام الساكنة:
تقع اللام الساكنة في خمسة مواطن، هي: آ- لام (أل) التعريف، ب- لام الفعل، ج- لام الاسم، د- لام الحرف، هـ- لام الأمر.
وفيما يلي سوف نشرح الأحكام الواقعة على كل منها:
آ- أحكام لام (أل) الداخلة على الأسماء النكرة لتعريفها.
تقع قبل أي حرف من أحرف الهجاء، إلّا أحرف المد الثلاثة الساكنة، (ا- وي). ولها حكمان: الإظهار والإدغام.
1 – الإظهار: تظهر إذا وقع بعدها واحد من الأحرف الأربعة عشر المجموعة في قولك: (ابغ حجك وخف عقيمه)، وتسمى باللام المظهرة أو اللام القمرية، بمعنى أنها تظهر كما تظهر اللام الواردة في كلمة (القمر)، ويسمى هذا الإظهار ب (الإظهار القمري)، مثال ذلك: الْأَنْعامِ* بِالْبِرِّ* الْغَمامَ* الْحَمِيمُ* الْجَنَّةَ* الْكَوْثَرَ الْوالِدانِ* الْخَيْرُ*.
وكما يبدو من الأمثلة، فإننا تركنا اللام باللون الأسود، دلالة على إظهارها.
2 – الإدغام: تدغم بما بعدها، إذا وقع بعدها حرف من الأحرف الأربعة عشر الباقية، وهي مجموعة في أوائل كلمات البيت التالي:
طب ثم صل رحما تفز ضف ذا نعم … دع سوء ظن زر شريفا للكرم
ويسمى هذا الإدغام ب (الإدغام الشمسي)، ويتحقق بدمج هذه اللام بالحرف الذي يليها، بحيث يصيران حرفا واحدا مشددا، وهو الحرف الذي بعدها، بحيث لا يظهر أي أثر لهذه اللام، مثال ذلك: الطَّامَّةُ- الثَّوابِ*- الظَّالِمِينَ*- اللَّطِيفُ*.
وكما يبدو من الأمثلة، فإننا لونا هذه اللام باللون الأزرق،- وليس الأحمر- دلالة على عدم النطق بها.
ب- أحكام لام الفعل:
وهي اللام التي تقع في الفعل، سواء أكان ماضيا أم مضارعا أم أمرا، وسواء أكانت متوسطة أم متطرفة.
ولها حكمان: الإظهار- والإدغام.
1 الإظهار: تظهر إذا وقع بعدها أي حرف من حروف الهجاء، عدا اللام والراء، مثال ذلك: أَنْزَلْناهُ* قُلْ نَعَمْ جادِلْهُمْ قُلْ أَعُوذُ* جَعَلْنَا* قُلْنا*.
وكما يبدو من الأمثلة، فإننا أبقينا اللام باللون الأسود دلالة على إظهارها.
2 الإدغام: تدغم بما بعدها، إذا وقع بعدها أحد الحرفين: اللام والراء، ولا يكون ذلك إلّا إذا كان الفعل أمرا، مثال ذلك: قُلْ لا أَمْلِكُ* قُلْ رَبِّ*.
وكما يبدو من الأمثلة، فإننا لوّنا اللام باللون الأحمر، دلالة على وقوع الإدغام عليها، ولونا الشدة على الحرف بعدها باللون الأخضر، دلالة على أن الإدغام دون غنة.
ج أحكام لام الاسم: وهي اللام التي تقع جزءا من بنية الاسم، وليست مدخلة عليه. وحكمها: الإظهار دائما، مثال ذلك: أَلْسِنَتُكُمُ* سُلْطانٍ* مَلْجَأً*.
وكما يبدو من الأمثلة، فإننا أبقينا اللام باللون الأسود، دلالة على إظهارها.
د أحكام لام الحرف: وهي اللام التي تقع جزءا من بنية الحرف، وتوجد- في القرآن الكريم- في حرفين لا ثالث لهما، هما: هل- بل، ولها حكمان:
الإدغام والإظهار.
1 الإدغام: تدغم بما بعدها، إذا وقع بعدها أحد حرفين: اللام والراء.
مثال ذلك: هَلْ لَكَ هَلْ لَكُمْ بَلْ رَفَعَهُ بَلْ رَبُّكُمْ.
وكما يبدو من الأمثلة، فإننا لونا لام: (هل) و (بل) باللون الأحمر، دلالة على إدغامها بما بعدها، ولونا الشدة الواقعة على الحرف بعدها باللون الأخضر، دلالة على أن الإدغام دون غنة.
2 – الإظهار: تظهر اللام، إذا وقع بعدها أي حرف من أحرف الهجاء، ما عدا اللام والراء، مثال ذلك: هَلْ أَتاكَ* بَلْ تُؤْثِرُونَ بَلْ نَحْنُ* هَلْ يَسْتَوِي*.
وكما يبدو من الأمثلة، فإننا أبقينا اللام باللون الأسود، دلالة على إظهارها.
هـ- لام الأمر: وهي لام زائدة عن بنية الكلمة، وتأتي قبل الفعل المضارع مباشرة (وهي اللام المسماة لام الأمر)، وحكمها الإظهار دائما، مثال ذلك:
وَلْيَكْتُبْ فَلْيَنْظُرْ* ثُمَّ لْيَقْضُوا.
وكما يبدو من الأمثلة، فإننا أبقينا اللام باللون الأسود، دلالة على إظهارها.
ولام لفظ الجلالة: للام الواقعة في لفظ الجلالة حكمان متغايران: الترقيق- التفخيم فترقق إذا سبقت بكسر أصلّي أو عارض، نحو بِسْمِ اللَّهِ* بِاللَّهِ* أَفِي اللَّهِ* قُلِ اللَّهُ*.
وتفخم: إذا سبقت بفتح أو ضم، نحو: لِنَعْبُدَ اللَّهَ* قالَ اللَّهُ*.
7 – التفخيم والترقيق:
هناك أحرف تفخم دائما، وأحرف ترقق دائما، وأحرف يجري ترقيقها وتفخيمها بحسب الأحوال.
1 – الأحرف التي تفخم دائما: هي أحرف الاستعلاء المجموعة في قولك: (خص ضغط قظ).
2 – الأحرف التي ترقق دائما: هي أحرف الاستفال، التي هي بقية أحرف الهجاء، ما عدا الألف واللام والراء.
3 – الأحرف التي يجري تفخيمها وترقيقها بحسب الأحوال: هي الألف واللام والراء.
آ- الألف: تفخم إذا سبقها حرف من أحرف الاستعلاء، مثل الطَّامَّةُ الصَّاخَّةُ وإلّا فإنها ترقق.
ب- اللام: ترقق اللام دائما، إلّا في لفظ الجلالة حيث ترقق- كما مرّ معنا- إذا سبقها مكسور، وتفخم إذا سبقها مفتوح أو مضموم.
ج- الراء: الحرف الراء- عند النطق بها- حالتان: التفخيم والترقيق.
1 – التفخيم: يجب تفخيم الراء إذا كانت مفتوحة أو مضمومة، سواء أكانت في أول الكلمة أم في وسطها أم في آخرها، مثال ذلك: رَؤُفٌ*- بِالصَّبْرِ*- نَغْفِرْ*- رُزِقُوا- يَتَذَكَّرُ*- يَشْكُرُ*.
ويلحق بذلك الراء الساكنة التي قبلها مفتوح أو مضموم، مثل: الْعَرْشِ*- تَرْمِيهِمْ- الْقُرْآنُ*- تُرْجِي.
2 – الترقيق: يجب ترقيقها إذا كانت مكسورة، سواء أوقعت في أول الكلمة أم في وسطها أم في آخرها، نحو: رِزْقاً*- قَرِيبٌ*- الْفَجْرِ*- وكذلك إذا وقعت قبل ألف ممالة مَجْراها.
ويلحق بذلك الراء الساكنة التي قبلها مكسور، بكسرة أصلية، سواء أكانت في وسط الكلمة أم في آخرها، مثل: فِرْعَوْنَ*- الْفِرْدَوْسِ*- اسْتَغْفِرْ*- اصْبِرْ*.
أما إذا كان الحرف الواقع قبل الراء الساكنة مكسورا كسرة عارضة، فإنه يجب تفخيمها، نحو: أَمِ ارْتابُوا- لِمَنِ ارْتَضى – إِنِ ارْتَبْتُمْ*. سواء وصلت هذه الكلمات بما قبلها، أو ابتدئ بها. وترقق الراء إذا كان الكسر الذي قبلها منفصلا- أي في كلمة أخرى- نحو الَّذِي ارْتَضى.
وإذا كانت ساكنة وجاء بعدها في كلمة واحدة حرف استعلاء مفتوح فيجب تفخيمها مثل: لَبِالْمِرْصادِ.
أما إذا كان حرف الاستعلاء مكسورا، فلها حالتان: التفخيم والترقيق. ولم ترد إلّا في نُفَرِّقُ*.
وفي حالة الوقف عليها، ترقق إن كان ما قبلها مكسورا كسرا أصليا أو ياء ساكنة، مثل: خَبِيرٌ*- بَصِيرٌ*. وإن كان قبلها ساكن ننظر إلى حركة ما قبله، فإن كانت حركته الفتح أو الضم فخمناها، مثل الْفَجْرِ*- غَفُورٌ* وإن كانت حركته الكسر رققناها، مثل: الْحَجَرَ* يُذْكَرَ*. ما لم يكن الساكن حرف استعلاء. وإن كان قبل الراء الساكنة حرف مدى وقبله فتح أو ضم تفخم.
8 – أحكام المدود وأقسامها:
تعريف المد: المد لغة: هو المط والزيادة.
وفي الاصطلاح هو: إطالة الصوت بحرف من أحرف المدّ الثلاثة التالية:
1 – الألف الساكنة (المفتوح ما قبلها).
2 – الواو الساكنة المضموم ما قبلها.
3 – الياء الساكنة المكسور ما قبلها.
وقد اجتمعت هذه المدود في كلمة: (نوحيها).
أقسامه: ينقسم المدّ إلى قسمين: مدّ أصلي، ومدّ فرعي، وسوف نبين كلا منهما فيما يلي:
آ- المدّ الأصلى: هو المدّ الطبيعي الذي لا تقوم ذات حرف المدّ إلّا به، ولا يتوقف على سبب من همز أو سكون.
وقد سمي طبيعيا لأن صاحب الفطرة السليمة لا ينقصه عن حده، ولا يزيد عليه، ومقداره حركتان. والحركة هي بمقدار قبض الإصبع أو بسطه، نحو:
قالَ*- يَقُولُ*- قِيلَ*.
وكما يبدو من الأمثلة، فإننا تركناه باللون الأسود، دلالة على أن مدّه طبيعي، لا يحتاج إلّا أن يترك القارئ نفسه على سجيته وطبيعته.
هذا، ويلحق بهذا المد الطبيعي أربعة مدود هي:
ا- مدّ العوض وهو مدّ في حالة الوقف، عوض عن فتحتين في حال الوصل، ويمد بمقدار حركتين، نحو: غَفُوراً* رَحِيماً* سَمِيعاً* عَلِيماً*.
ويستثنى من ذلك، ما إذا كان التنوين على تاء مربوطة، فيوقف عليها بالهاء، وليس بالمد، نحو: حَياةً طَيِّبَةً- مَساكِنَ طَيِّبَةً*.
وواضح من هذا التعريف أنه يمدّ في حالة الوقف، ولا يمدّ في حالة الوصل، وقد اعتمدنا نحن في التلوين المشير للأحكام على حالة الوصل دون الوقف، وذلك بناء على المعتمد في تحريك آخر آيات القرآن رسما.
2 – مدّ الصلة الصغرى: وهو حرف مدّ زائد، يتحصل من إشباع الحركة على هاء الضمير، الواقعة بين متحركين، ثانيهما غير مهموز.
وهو مدّ ملحق بالطبيعي، لأن إشباع الضمة يجعلها واوا مضموما ما قبلها، وإشباع الكسرة يجعلها ياء مكسورا ما قبلها، ولذلك فهو يمد المد الطبيعي، بمقدار حركتين، مثال ذلك: لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ- وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً.
3 – مدّ البدل: هو أن يأتي همز، وبعده مد، في كلمة واحدة.
وقد سمي بذلك، لأننا أبدلنا الهمزة الثانية حرف مدّ من جنس الحركة التي قبلها، ويمد بمقدار حركتين، مثال ذلك: آمَنُوا*- أُوتُوا*- إِيماناً*، والأصل: أأمنوا- أوتوا- إئمانا.
4 – مدّ التمكين: وهو المدّ الواقع على الياء الساكنة، المسبوقة بياء مشددة مكسورة، وسمي بذلك لأن الشدة قبله مكنته، وهو يمد بمقدار حركتين.
مثال ذلك: حُيِّيتُمْ- النَّبِيِّينَ*- الْأُمِّيِّينَ*.
وكما ترى، فإن هذه المدود الثلاثة الأخيرة، الملحقة بالمد الطبيعي، لها حكمه، فتمد المد الذي يمده الإنسان بطبيعته، بمقدار حركتين، ولذلك، فإننا رمزنا إلى هذه المدود، كما رمزنا إلى المد الطبيعي، فتركناها كلها باللون الأسود، دلالة على مدها حركتين، لا غير.
ب- المدّ الفرعي:
هو المد الزائد على المد الطبيعي (الأصلي). وسبب هذه الزيادة هو أحد أمرين:
إما الهمز، وإما السكون.
1 – المدود التي سبب زيادتها الهمز: وهي مدّان فقط، وهما: المد الواجب المتصل، والمد الجائز المنفصل.
آ- المد الواجب المتصل: وهو أن يأتي بعد حرف المد همز يقع معه في الكلمة نفسها.
نظرا لوقوع المد والهمز متصلين في الكلمة نفسها، فقد سمي هذا المد مدا متصلا. ونظرا لإجماع القراء على مده زيادة، فقد سمي هذا المد مدا واجبا، وهو يمد بمقدار خمس حركات. ويجوز- عند بعضهم- مده أربع حركات.
مثال ذلك: جاءَ*- السَّماءِ*- سُوءَ*- قُرُوءٍ- هَنِيئاً* مَرِيئاً- أُولئِكَ*.
وكما يبدو من الأمثلة، فإننا لونا شارة المد باللون الأحمر، دلالة على وجوب مده خمس حركات.
ب- المد الجائز المنفصل وهو أن يأتي حرف مد في آخر كلمة، ويأتي بعده الهمز في أول الكلمة التالية، وهو يمد- عند جمهور علماء الشام- بمقدار أربع أو خمس حركات، تبعا لاختلاف القراء في مده. وقد قال بعضهم: إنه يمد بمقدار حركتين في حالة الحدر، وبمقدار أربع حركات في حالة التدوير، وبمقدار خمس في حالة الترتيل. ونظرا لانفصال حرف المد عن الهمزة، ووقوع كل منهما في كلمة منفصلة عن الأخرى، فقد سمي هذا المد منفصلا.
ونظرا لاختلاف القراء في مده مدا زائدا، فقد سمي هذا المد مدا جائزا، مثال ذلك: يا أَيُّهَا النَّاسُ* وَفِي أَنْفُسِكُمْ قُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّا أَعْطَيْناكَ.
وكما يبدو من الأمثلة، فإننا لونا شارة المد باللون الأخضر، الذي لونا به المد المنفصل، دلالة على جواز مده أربعا، أو خمسا.
2 – المدود التي سبب زيادتها السكون: وهي مدان، المد العارض للسكون، والمد اللازم، وسوف نتكلم عن كل منهما فيما يلي:
آ- المد العارض للسكون: وهو أن يأتي بعد حرف المد حرف متحرك، وقف عليه بالسكون.
ونظرا لعروض هذا المد وطروئه، بسبب الوقف بالسكون على الحرف بعده، [فإذا لم يوقف عليه كان طبيعيا]، لذلك فقد سمي مدا عارضا للسكون.
وحكمه: جواز مده حركتين أو أربعا أو ست حركات، مثال ذلك:
الرَّحِيمِ* الْعالَمِينَ* نَسْتَعِينُ.
هذا ويلحق بهذا المد مد آخر، يتفق معه في السبب الموجب، ألا وهو مد اللين.
مد اللين: هو إطالة الصوت بالواو أو الياء الساكنتين، المفتوح ما قبلهما، الساكن ما بعدهما، سكونا عارضا بسبب الوقف، وهو لا يمد في حالة الوصل، بسبب تحرك ما بعده.
وحكمه في المد: حكم العارض للسكون، فيمد حركتين، أو أربعا، أو ست حركات، مثال ذلك: الصَّيْفِ الْبَيْتَ* خَوْفٌ* يَوْمِ*.
وكما يبدو من الأمثلة، فإننا لم نشر إلى رمز تلويني لهذين المدين، لأنهما مدان عارضان، يطرءان عند الوقف، ولا يدرى أين سيقف القارئ، لذلك، فقد تركنا أمرهما للقارئ يطبقهما حيث يشاء الوقف. كما أن الرسم القرآني المجمع عليه اعتمد وضع الحركات بناء على الوصل، وللقارئ النظر حين الوقف.
ب- المد اللازم: وهو أن يأتي حرف مد، وبعده ساكن سكونا لازما، سواء أكان حرفا ساكنا سكونا أصليا، أم حرفا مشددا.
وقد سمي مدا لازما، للزوم السكون في حالتي الوصل والوقف، أو للزوم مده عند كل القراء ست حركات (وصلا ووقفا)، إلّا العين في (كهيعص) و (حمعسق) فإنه يجوز فيها التوسط أربعا.
وينقسم المد اللازم إلى قسمين، هما: المد اللازم الكلمي والمد اللازم الحرفي.
1 – مد لازم كلمي: وهو المد اللازم الذي يقع في كلمة، وليس في حرف، وهذا المد ينقسم بدوره إلى قسمين.
– مد لازم كلمي مثقل: وهو الذي يأتي فيه بعد حرف المد حرف مشدد، نحو: الْحَاقَّةُ*- الصَّاخَّةُ- الضَّالِّينَ*.
– مد لازم كلمي مخفف: وهو الذي يأتي فيه بعد حرف المد حرف ساكن، وهو لا يوجد إلّا في كلمة الْآنَ* في موضعين من سورة يونس.
2 – مد لازم حرفي: وهو المد اللازم الذي يقع في حرف وليس في كلمة، وهو أن يوجد حرف من فواتح السور، هجاؤه ثلاثة أحرف، أوسطها حرف ساكن.
– إذا أدغم هذا الحرف الثالث الساكن بما بعده كان لازما مثقلا، نحو: مد اللام في (الم).
– وإن لم يدغم هذا الحرف الساكن بما بعده كان لازما مخففا، نحو: مد الميم في (الم)، ونحو: ص- ن- ق.
هذا، وحروف المد اللازم الحرفي ثمانية أحرف، جمعت في كلمة (نقص عسلكم). ويمد المد اللازم الكلمي بفرعيه، أو الحرفي بنوعيه، بمقدار ست حركات لزوما.
تنبيه: إن الحروف الواقعة في أوائل السور، وعددها أربعة عشر حرفا، تنقسم من حيث المد، إلى ثلاثة أقسام:
1 – ما لا يمد أصلا، وذلك في حرف الألف فقط، نحو: الألف من (الم) و (الر).
2 – ما يمد حركتين (طبيعي)، وذلك في خمسة أحرف، مجموعة في قولك (حي طهر)، نحو: حم- طه- الر: فكل من الحاء والطاء والهاء والراء تلفظ في حرفين فقط، وليس في ثلاثة: (حا- طا- ها- را) ولذلك فهي تمد مدا طبيعيا (حركتين).
3 – ما يمد ست حركات (لازم)، وذلك في ثمانية أحرف، مجموعة في قولك (نقص عسلكم) وكلها تمد ست حركات وجوبا، إلّا حرف العين في فاتحة مريم والشورى، ففيهما التوسط والطول، وهو أفضل. ومثال المد ست حركات وجوبا هو اللام والميم في (الم)، واللام في (الر) والسين والميم في (طسم).
وكما يبدو من الأمثلة على هذا المد، بأقسامه وأفرعه، فإننا لونا شارة هذا المد () بلون بني، مركب من اللونين، الأحمر والأخضر.
هذا، وهناك مد آخر يشابه هذا المد بوجود الشدة أو السكون بعد المد، وهو مد الفرق، نبينه فيما يلي:
مد الفرق: وهو أن تدخل همزة الاستفهام على اسم معرف ب (أل) التعريف، فتبدل همزة (أل) التعريف ألفا دية، ليفرق بين الاستفهام والخبر، فيتكون من
ذلك مد نسميه مد الفرق، نمده ست حركات، وهو نادر الوقوع في القرآن، فلا يوجد إلّا في الكلمات الثلاث التالية: الضَّالِّينَ* آلذَّكَرَيْنِ* اللَّهُ*.
وكما يبدو من الأمثلة، فإننا لونا شارة هذا المد () بلون أزرق قاتم، مركب من اللونين الأحمر والأزرق. هذا ويجوز تسهيل الهمزة الثانية.
9 – مخارج الأحرف:
تعريفه: المخرج لغة: هو موضع الخروج.
واصطلاحا: هو محل خروج الحرف وتمييزه من غيره.
وهناك سبعة عشر مخرجا، لأحرف الهجاء البالغة ثمانية وعشرين حرفا (1).
ولهذه المخارج خمسة مواضع، هي: الجوف- الحلق- اللسان- الشفتان- الخيشوم (طرف الأنف الداخلي) وهو ما يسميه العوام سقف الحلق.
ولمعرفة مخرج أي حرف من أحرف الهجاء، نسكّن الحرف أو نشدده، وندخل عليه همزة، ثم نصغي إليه، فحيث انقطع الصوت كان مخرجه، فنقول (أب) لمعرفة مخرج الباء، و (أت) لمعرفة مخرج التاء. وهكذا دواليك.
ونحن- فيما يلي- سوف نذكر هذه المخارج والأحرف التي تخرج من كل منها:
المخرج الأول: من الجوف: وهو الفراغ الممتد من الصدر عبر الحلق والفم ويخرج منه أحرف المد الثلاثة، وهي: الألف- الواو الساكنة المضموم ما قبلها- الياء الساكنة المكسور ما قبلها.
وهذه المدود الثلاثة ليس لها حيّز محدد تنتهي إليه، بل حيّزها هو منتهى الصوت، ولذلك كانت هذه المدود قابلة للزيادة على المد الطبيعي.
هذا، ويجب الانتباه إلى ما ذكرناه من شرط سكون الواو والياء في هذه المدود، لأنهما إذا تحركتا خرجتا عن كونهما حرفي مد، ويصير لكل منهما مخرج خاص سيمر معنا.
المخرج الثاني: أقصى الحلق، أي أبعده عن الفم، ويخرج منه حرفان، هما الهمزة والهاء.
(1) جرى العمل عند علماء التجويد على اعتبار الألف ضمن الأحرف الهجائية فيبلغ عددها 29 حرفا.
لكن هناك من يعتبرها 28 حرفا فلا يدخل الألف ضمن الأحرف الهجائية لأنها لا تكون إلّا حرف علة.
المخرج الثالث: وسط الحلق، ويخرج منه حرفان، هما: العين والحا المخرج الرابع: أدنى الحلق، أي أقربه إلى الفم، ويخرج منه حرفان، ….
والخاء.
المخرج الخامس: من أقصى اللسان، أي أبعده في داخل الفم، مع ما فوقه من الحنك الأعلى، ويخرج منه حرف واحد، هو: القاف.
المخرج السادس: من أقصى اللسان أيضا، مع ما فوقه من الحنك الأعلى، تحت مخرج القاف، ويخرج منه حرف واحد: الكاف، وهو أقرب إلى مقدم الفم من القاف.
المخرج السابع: من وسط اللسان، مع ما فوقه من الحنك الأعلى، أي وسط الحنك الأعلى، ويخرج منه ثلاثة أحرف، وهي: الجيم- الشين- الياء غير المدية.
المخرج الثامن: من إحدى حافتي اللسان، مع ما يحاذيها من الأضراس العليا، ويخرج منه حرف واحد هو: الضاد، والأغلب الأسهل إخراجها من الجانب الأيسر للسان.
المخرج التاسع: مما بين حافتي اللسان، بعد مخرج الضاد، مع ما يحاذيه من لثة الأسنان العليا، ويخرج منه حرف واحد هو: اللام.
المخرج العاشر: من طرف اللسان، أسفل مخرج اللام قليلا، مع ما يحاذيه من لثة الأسنان العليا، ويخرج منه حرف واحد، وهو: النون المظهرة.
المخرج الحادي عشر: من طرف اللسان، بينه وبين ما فويق الثنيتين العليين، قريبا من مخرج النون، غير أنه إلى ظهر اللسان أقرب، ويخرج منه حرف واحد هو الراء.
المخرج الثاني عشر: من طرف اللسان، مع أصول الثنيتين العلويتين، مصعدا إلى جهة الحنك الأعلى، ويخرج منه ثلاثة أحرف هي: الطاء- الدال- التاء.
المخرج الثالث عشر: من بين طرف اللسان وما بين الأسنان العليا والسفلى، قريبا من السفلى، مع انفراج قليل بينهما، ويخرج منه ثلاثة أحرف، تسمى أحرف الصفير: الصاد- السين- الزاي.
المخرج الرابع عشر: من بين طرف اللسان، وأطراف الثنيتين العلويتين، ويخرج منه ثلاثة أحرف هي: الظاء- الثاء- الذال.
المخرج الخامس عشر: من بين باطن الشفة السفلى وأطراف الثنيتين العلويتين، ويخرج منه حرف واحد وهو: الفاء.
المخرج السادس عشر: من بين الشفتين معا، ويخرج منه ثلاثة أحرف، هي:
الواو- الباء- الميم. غير أن الواو تكون بانفتاح الشفتين، والباء والميم بانطباقهما.
المخرج السابع عشر: الخيشوم، وهو خرق الألف المنجذب إلى داخل الفم المركب فوق غار الحنك الأعلى، ويخرج منه الغنة، في كل من: النون الساكنة والتنوين، حال إدغامهما بغنة، أو حال إخفائهما، والميم الساكنة المخفاة، والميم والنون المشددتين.
10 – صفات الحروف:
الصفة لغة: ما قام بالشيء من المعنى، وليس من حقيقته، كالعلم والجهل، والبياض والسواد.
واصطلاحا: كيفية تعرض للحرف، عند حصوله في المخرج، من الجهر، والرخاوة، والشدة، والهمس، ونحو ذلك، وهذه الصفات لازمة للحروف، لا تنفك عنها أبدا.
والصفات التي تحتملها حروف الهجاء، هي سبع عشرة صفة، على القول المختار، وهي تنقسم إلى قسمين:
1 – صفات لها أضداد، وهي خمس صفات، وأضدادها خمس كذلك، فيكون المجموع عشرا.
2 – صفات ليس لها أضداد، هي سبع.
ونحن سوف نتناول الكلام بالتفصيل عن كل من هذين القسمين.
الصفات التي لها أضداد:
1 – الهمس: وهو جريان النّفس، عند النطق بالحرف، لضعف الاعتماد على مخرجه، وهو من صفات الضعف، ويتحقق الهمس، بإخراج نفس مع كل حرف من أحرفه العشرة المجموعة في قولك (فحثّه شخص سكت).
وضده الجهر: وهو منع جريان النفس عند النطق بالحرف، لقوة الاعتماد على مخرجه، وهو من صفات القوة. ويتحقق الجهر، بمنع جريان النفس مع الحرف.
وأحرف الجهر هي الأحرف الثمانية عشر المتبقية من أحرف الهجاء (1).
__________
(1) سرنا هنا على رأي من يعتبر الأحرف الهجائية ثمانة وعشرين، متغاضيا عن حرف الألف لأنه لا يكون إلّا حرف علة.
________________________________________
2 – الشدة: وهي امتناع جريان الصوت، عند النطق بالحرف، لقوة الاعتماد على مخرجه، وأحرفها ثمانية، مجموعة في قولك: (أجدك قطبت).
وضد الرخاوة والتوسط.
والرخاوة: هي جريان الصوت، عند النطق بالحرف، لضعف الاعتماد على مخرجه، وأحرفها: خمسة عشر حرفا، هي: ث- ح- خ- ذ- ز- س- ش- ص- ض- ظ- غ- ف- هـ- وي، وهي حروف الهجاء ما عدا (أجدك قطبت) وحروف (لن عمر).
والتوسط هي صفة بين الرخاوة والشدة، وحروفها خمسة، مجموعة في قولك (لن عمر).
3 – الاستعلاء: وهو ارتفاع اللسان، إلى الحنك الأعلى، عند النطق بالحرف، وهو صفة من صفات القوة.
وأحرف الاستعلاء هي أحرف التفخيم، وعددها سبعة، وهي مجموعة في قولك (خص ضغط قظ).
وضده الاستفال: وهو انخفاض اللسان، عن الحنك الأعلى، عند النطق بالحرف وهو صفة من صفات الضعف.
وأحرفه هي الأحرف المتبقية من أحرف الهجاء، وعددها واحد وعشرون حرفا، وهي تكون مرقّقة عند تجويدها، على عكس حروف الاستعلاء ويستثنى من ذلك الراء واللام والألف في حالات تفخيمها التي مرت معنا.
4 – الاطباق: وهو تلاصق كل من اللسان والحنك الأعلى، عند النطق بالحرف. وهو صفة من صفات القوة. وأحرفه أربعة هي: الصاد- الضاد- الطاء- الظاء، وهي أقوى أحرف التفخيم.
وضده الانفتاح: وهو تجافي كل من اللسان والحنك الأعلى عن الآخر، حتى يخرج النفس- عند النطق بالحرف- من بينهما، وهو صفة من صفات الضعف، وأحرفه أربعة وعشرون حرفا، هي الأحرف المتبقية من أحرف الهجاء، بعد حذف أحرف الإطباق السابق ذكرها.
5 – الإذلاق: وهو خفة النطق بالحرف، لخروجه من طرف اللسان أو الشفة، وهو صفة بين القوة والضعف.
وضده الإصمات: وهو ثقل النطق بالحرف ثقلا يؤدي إلى الامتناع عن انفراد حروفه أصولا، في الكلمة الرباعية أو الخماسية.
ولا بد حينئذ من أن يكون في الكلمة (الرباعية أو الخماسية) حرف مذلق أو أكثر حتى تكون عربية.
وأحرف الإصمات هي الاثنان والعشرون المتبقية من أحرف الهجاء، بعد حذف أحرف الإذلاق (فرّ من لب).
الصفات التي لا ضد لها:
الصفات التي لا ضد لها سبع، سوف نبينها بالتفصيل فيما يلي:
1 – الصفير: وهو صوت زائد، يشبه صوت الطائر، يخرج من بين الشفتين، ملازما لأحرفه، وأحرفه ثلاثة هي: الصاد- الزاي- السين.
2 – القلقلة: وهي إظهار نبرة للصوت، ناتجة عن اضطراب في المخرج عند النطق بأي حرف من حروفها إذا سكّن، وذلك لما في أحرفها من الجهر والشدة، وأحرفها خمسة مجموعة في قولك (قطب جد). ونحن لجأنا في هذا المصحف الشريف إلى تلوين السكون باللون الأخضر، فوق الحرف، ليدل ذلك على وجود القلقلة فيه. مع الانتباه إلى أننا اعتمدنا درج الكلام فلم نشر إلى القلقلة الناجمة عن السكون العارض للوقف.
والقلقة قسمان: صغرى وكبرى:
– فأما القلقة الصغرى، فهي التي يكون حرف القلقة الساكن في وسط الكلمة نحو: يَقْطَعُونَ* يَطْمَعُونَ يَجْعَلُونَ* يَدْعُونَ* لَتُبْلَوُنَّ.
– وأما القلقلة الكبرى، فهي التي يكون حرف القلقلة الساكن في آخر الكلمة، وقد يكون سكونه عارضا بسبب الوقف عليه، نحو: خَلاقٍ* الصِّراطَ* بَهِيجٍ* قَرِيبٌ* شَدِيدُ*، كما قد يكون سكونه سكونا أصليا، نحو:
لَقَدْ*.
3 – اللين: وهو إخراج الحرف في سهولة وعدم كلفة. أحرفه اثنان، هما:
الواو والياء الساكنتان، المفتوح ما قبلهما، مثل: خَوْفٌ*- الْبَيْتَ*.
4 – الانحراف: هو ميل الحرف عن مخرجه، حيث يتصل بمخرج غيره، وأحرفه اثنان، هما: اللام والراء، فاللام تنحرف إلى طرف اللسان، والراء تنحرف إلى ظهر اللسان.
5 – التكرير: هو ارتجاف رأس اللسان، عند النطق بحرف (الراء)، وهو عيب يجب الابتعاد عنه. وإن ذكر هذه الصفة يراد منه تجنبها لا فعلها، إذ أن اللسان كلما ارتجف بها مرة خرجت راء جديدة، الأمر الذي يؤدي إلى غير المطلوب.
ولكن، ليس معنى تجنب التكرير إعدامه بالكلية، لأن إعدامه يسبب حبسا للصوت، يترتب عليه أن تكون (الراء) شبيهة ب (الطاء)، وهذا خطأ.
6 – التفشي: وهو انتشار الهواء في الفم، عند النطق بحرفه، وهو الشين فقط، وسبب انتشارها في الفم رخاوتها وعدم شدتها.
7 – الاستطالة: وهي امتداد الصوت، من أول إحدى حافتي اللسان، إلى آخرها، وذلك عند النطق بحرفه الوحيد، وهو الضاد.
11 – أحكام السكتات:
السكتة: هي قطع الصوت، على آخر الكلمة، من غير تنفس- منتظرا استئناف القراءة- زمنا أقل من زمن الوقف العادي، وقد قدر المقدار الزمني للسكت، بمقدار حركتين.
ومواطن السكت- على قراءة حفص- أربعة، نذكرها فيما يلي:
1 – عند كلمة (عوجا) من قوله تعالى: وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً قَيِّماً لِيُنْذِرَ. هذا ويجوز هنا وقف آخر الآية.
2 – عند كلمة (مرقدنا) من قوله تعالى: مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا ما وَعَدَ.
والوقف جائز:
3 – عند كلمة (من) من قوله تعالى: وَقِيلَ مَنْ راقٍ.
4 – عند كلمة (بل) من قوله تعالى: كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ.
ويجوز السكت وعدمه في سورة الحاقة عند كلمة (ماليه) في قوله تعالى: ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ.
ختاما تقبلو تحيات أخوكم ناصر بعزيز ولا تنسوني من خالص دعائكم